الظروف العمالية في اليونان


في السنوات الست الأخيرة, في بلد مهزوز بشدة من قوة الأزمة الاقتصادية التي ضربته حيث اجرائات التقشف المعادية لمصالح الطبقات الشعبية و ظروف العمل السائدة المشابهة لظروف العمل في القرون الوسطى تفرض نوعا من انواع قانون الغابة على المجتمع اليوناني, كل يوم يخسر الكثير من الناس وظائفهم و تغلق العديد من المشاريع التجارية أو تنتقل الى دول الجوار, الحقوق العمالية تتبخر تدريجيا في الهواء , رغم كل ذلك فإن المستقبل يبدو أسوأ بكثير من الحاضر.1

في اليونان اليوم:1

نسبة البطالة الرسمية تقترب من 30 % حيث يوجد تقريبا 1300,000 عاطل عن العمل يحصل فقط 10 % منهم على مساعدات او رواتب للبطالة.1

نسبة العمال الذين يعملون في سوق العمل السوداء (بدون عقد عمل او تأمين) تبلغ40 %.1

الاف العمال في القطاع الخاص يحصلون على فسائم شراء سلع من السوبر ماركت عوضا عن الراتب.

واحد من بين كل 3 أشخاص في اليونان يعيش تحت خط الفقر.

الاف اليونانيين يهاجرون من اليونان كل عام بحثا عن شروط معيشية أفضل,

وفقا لبحث اجرته منظمة يوروبامترو Europametro التابعة للمفوضية الأوروبية حول ظروف العمل في أوروبا فإن ظروف العمل في اليونان هي الأسوأ مقارنة بباقي دول الاتحاد الأوروبي, هذه الحقائق يجب ان يعرفها كل لاجئ\مهاجر يود تجريب حظه في اليونان.1

اقتصاد اليونان لم يكن دائما بهذا السوء, فقد شهدت اليونان في فترة التسعينات انتعاشا اقتصاديا, هذا الانتعاش الاقتصادي كان سببه استغلال قوة عمل الاف المهاجرين الذين أتوا من دول البلقان و اضطروا الى العمل بدون عقد أو تأمين اجتماعي مما أدى الى خفض تكلفة الانتاج و زيادة قيمة الأرباح.1

نادرا ما يذكر فضل المهاجرين عند الحديث عن الانتعاش الاقتصادي في تلك الفترة, حيث أدى قدومهم الى زيادة العرض في مجال العمل و بالتالي زيادة حجم الانتاج و المدخول في مجال الزراعة, جدير بالذكر انه حتى في تلك الفترة المزدهرة اقتصاديا كانت رواتب العمال منخفضة.1

بالعودة الى الفترة الحالية, فترة البطالة و الاستغلال غير المحدود, و حسب تقرير أجرته وكالة الحقوق الأساسية التابعة للاتحاد الأوروبي فإن كل المهاحرين في اليونان معرضون لخطر الاستغلال في مجال العمل, نتائج التقرير أظهرت ان الاستغلال الإجرامي للعمال ينتشر بشكل خاص في مجالات الزراعة, البناء,الخدمات الفندقية و المطاعمية, تكرير المعادن و في مجال الأعمال المنزلية, كما أظهرت النتائج أيضا ان أصحاب العمل الذين يعتدون على العمال غير معرضين بشكل جدي لخطر الملاحقة القانونية كما انهم غير مجبرين في أغلب الأحيان على دفع تعويضات للضحايا الذين يتعرضون للاعتداء, الأذى أو الظلم أثناء العمل.1

رغم توزعهم الجغرافي على امتداد اليونان و تنوع مجالات عملهم فأن العمال الذين يتعرضون للاستغلال و الظلم لديهم العديد من عوامل المعاناة المشتركة, مثل الرواتب المنخفضة و التي قد لا تتجاوز في الكثير من الأحيان ال1 يورو في الساعة ما عدا ساعات العمل الطويلة التي قد تصل الى 12 ساعة يوميا لسبعة أو ستة أيام في الاسبوع. ننقل حرفيا عن تقرير وكالة الحقوق الأساسية هذه الحالة لا تؤذي فقط ضحايا العمل بل تؤثر بشكل عام على قوانين العمل“.1

و لكي لا نستعرض فقط نتائج التقارير و الأبحاث, سنستعرض البعض من الانتهاكات الجسيمة لأصحاب العمل بحق العمال المهاجرين في السنوات الأخيرة في اليونان.1

في عام 2013 في نيامانولاذا, تعرض 119 مهاجر من بنغلادش ممن كانوا يعملون في مجال زراعة الفراولة تحت ظروف غير انسانية الى اطلاق نار من قبل مرؤوسيهم في العمل عندما طالبوا بال22 يورو و هي القيمة التي تم وعدهم بالحصول عليها يوميا لقاء عملهم في الأرض, السلطات اليونانية اعترفت ب35 عامل فقط كضحايا ممن تعرضوا لاطلاق النار و تم منحهم الاقامة, اما بالنسبة للجانيين مطلقي النار فقد تم ادانة شخص واحد بتهمة التسبب بضرر جسدي جسيم و ادانة شخص احر بتهمة المشاركة البسيطة في الجرم و تم اطلاق سراح المتهمين الاخرين, اما بالنسبة لصاحب المشروع الزراعي فقد تم تبرئته بشكل جماعي من قبل القضاة

في صيف عام 2012 تم العثور على عامل الفرن المصري وليد طالب مقيدا بالسلاسل على شجرة في منطقة سلمينا, وليد طالب تعرض لاعتداء مروع من قبل صاحب الفرن اليوناني الذي اختطفه, ضربه و سرق منه مدخراته المالية الذي كان قد عمل أشهرا لجمعها, و تركه مربوطا بالشجرة لساعات عديدة.1

في عام 2008 تعرضت عاملة التنظيف البلغارية كوستانتينا كونيفا لاعتداء مروع من قبل شخصين مجهولين حيث اجبراها على ابتلاع حمض الكبريت مما أدى الى اصابتها بالعمى في احدى العينين و الى أضرار جسيمة في في أعضائها الداخلية. في الفترة الأخيرةالشركة التي وظفتها أظهرت انزعاجها من مشاركة كونيفا في النضالات من أجل ظروف عمل أفضل, كما انها تلقت تهديدات بالقتل.1

من الضروري الاشارة الى انه في الحالات الثلاثة السابقة كما في حالات أخرى كان هنالك موجة تضامن كبيرة مع الضحايا, الحركة المعادية للقاشية دعمت الضحايا نفسيا,اقنصاديا و سياسيا, كما خرجت العديد من مظاهرات التضامن مع العمال المعتدى عليهم بالاضافة الى حضور واسع لأعضاء الحركة في قاعات

المحكمة بهدف ارسال رسالة تضامن للمظلومين و عدم تركهم وحيدين في مواجهة ظالميهم.

هذه هي اذن الظروف التي يجب ان ينتظرها كل من يقرر البقاء في اليونان. الظروف المعيشية صعبة جدا حتى بالنسبة للناس الذين ولدوا هنا, و هي أصعب بالتأكيد بالنسبة للمهاجرين و اللاجئين الذين وجدوا أنفسهم في اليونان رغما عن ارادتهم.1

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *